يعود إليه أو لا يعزم على ذلك بل يتردد فإنَّه ربما يقع له العود فإنَّه ممتنع عن الذنب غير تائب عنه.
الثانية: أن يتوب عن ذنب قد سبق منه مثله إذ لو لم يسبق منه مثله لكان متقيًا غير تائب، ألا ترى أنَّه يصح القول بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - متقيًا عن الكفر ولا يصح القول بأنّه كان تائبًا عن الكفر إذ لم يسبق منه كفر بحال وأن عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - كان تائبًا عن الكفر لما سبق منه ذلك.
والثالثة: أن الذي سبق يكون مثل ما يترك اختياره في المنزلة والدرجة لا في الصورة؛ ألا ترى أن الشيخ الهرم الفاني الذي سبق منه الزنا وقطعُ الطريق إذا أراد أن يتوب عن ذلك تمكنه التوبة لا محالة إذ لم يغلق عنه بابها ولا يمكنه ترك اختيار الزنا وقطع الطريق إذ هو لا يقدر الآن على فعل ذلك فلا يقدر على ترك اختياره فلا يصح وصفه بأنّه تارك له ممتنع عنه وهو عاجز عنه غير متمكن لكنه يقدر على ما هو مثل الزنا وقطع الطريق في المنزلة والدرجة كالقذف والغيبة والنميمة إذ جميع ذلك معاصٍ.
وإن كان الإثم يتفاوت في حق الآدمي في كل واحدة بقدرها ولكن جميع هذه المعاصي الفرعية كلها بمنزلة واحدة وهي دون منزلة البدعة ومنزلة البدعة دون الكفر أي حيث لم تكن البدعة مكفرة فإن كانت مكفرة فهي ومنزلة الكفر واحدة.
وفهمنا من هذا أن المنازل ثلاثة منزلة المعاصي ومنزلة البدع ومنزلة الكفر.