للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ إن المعاصي تقسم إلى صغيرة وكبيرة فلك أن تسميها منزلتين.

والكبائر: منها الموبقات السبع وهي قتل النفس والزنا وأكل الربا والسحر والقذف وأكل أموال اليتامى والتولي يوم الزحف.

وفهم أيضًا من كلامه أن الهرم إنما صحت توبته عن الزنا وقطع الطريق لقدرته على ما هو مثل ذلك في المنزلة.

يرشدك على هذا تعليل قبول توبته بذلك حيث قَالَ: فلذلك صحت منه أعني الهرم التوبة من الزنا وقطع الطريق وسائر ما مضى من الذنوب التي عجز عن أمثالها والله أعلم.

ثمَّ عَنّ لي بحثٌ يرد على هذا التقرير وهو أن لو قدّرنا أن رجلًا اقترف هذه الذنوب من الزنا وقطع الطريق ونحو ذلك ثمَّ إنه عجز عن إتيان مثلها صورةً وهو مصرٌّ على أن لو قدر على ذلك لفعله ثمَّ إنه عمي وصم وبكم وأقعد بحيث لا يمكنه إتيان شيء من مثل هذه الذنوب لا صورةً ولا منزلةً وعنّ له أن يتوب مما كان اقترف فندم في نفسه وعزم على التوبة وتاب في خاطره فهل قائلٌ بعدم توبة هذا الرجل مع صحة عقله.

وقد يُجابُ بأن لا قائل بعدم صحة توبة مثل هذا ولكن لا نسلم أنَّه لا يقدر على إتيان مثل هذه الذنوب منزلةً فإنَّه يمكنه أن يخطر في باله خاطر سوء ويعزم عليه ويصمم والعزم والتصميم على المعصية معصية كما هو مقرر والله تعالى كما قبل توبته بخاطره فإذا أساء بخاطره وأخذه وهذا لم أر من نبّه عليه غير أنَّه ظاهر لذوي البصائر والله أعلم.

قال الغزالي: والرابعة أن يكون ترك اختيار ذلك تعظيمًا له