للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقبل الهدية وذلك أنَّ التوبة عن المعاصي، وإرضاء الخصوم فرض لازم، ونوافل العبادة تبرع والتبرع لا يقبل وعليك الدين قد حل، والوقت قد فات واضمحل وكيف تترك لأجله المباح وأنت مُصِرٌّ على فعل المحظور بالغدوّ والرواح؟! أم كيف تناجيه، وتثني عليه باللسانِ وهو سبحانه وتعالى عليك غضبان؟! وفي أثر: إني أذكر مَن ذكرني، وإذا ذكرني مَن هو مُصِرٌ على معصيتي ذكرته باللعن أو معنى ذلك.

هذا وداعي الرحمن ينادي على رؤوس الأشهاد ويدعو أهل التّوفيق والسداد في كل عصر ومِصْرٍ لو كانوا يسمعون يعقلون {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨]، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥].

فعلى العاقل أنْ يداوي ما به من الدّاء العضال بالرجوع إلى حضرة ذي العزة والجلال، ويقرع بابَ التوبةِ، ويرجع عن الذنبِ والحوبة.

أوحى الله تعالى إلى داود: يا داود أنين المذنبين أحبُّ إليّ مِن صراخ العابدين (١).

وقيل لرابعة: إنِّي كثيرُ الذنوبِ فإنْ تبت هل يتوب الله عليّ؟ قالت: لا بل إن تاب عليك تبت (٢).


(١) "شعب الإيمان" ٥/ ٤٥٢.
(٢) قال تعالى: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}.