قال الإمام العلَّامة ناصر السنة ابن الجوزي في "تبصرته": اعلم أنَّ التوبة إذا صحت قبلت بلا شك إذا وقعت قبل نزول الموت ولو كانت عن أي ذنب كان.
واعلم أنَّ التوبة مِن أعظم الأمور اهتمامًا وقد ورد عن بعض العلماء العاملين أنَّه قال: دعوتُ الله سبحانه ثلاثين سنة أنْ يرزقني توبةً نصوحًا، ثمَّ تعجبتُ في نفسي وقلت: سبحان الله حاجة دعوت الله فيها ثلاثين سنة فما قضيت إلى الآن، فرأيت فيما يرى النائم كانَّ قائلًا يقول لي: أتعجب مِن ذلك؟ أتدري ماذا تسأل الله تعالى؟ إنَّما تسأله سبحانه أن يحبك أمَا سمعتَ قولُ الله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢].
ولا ينبغي للعاقل أنْ يغفلَ عمَّا جرى لإبليس فإنَّه كان من المقربين فأصبح من الملعونين، وبلعام بن باعوراء كان مِنَ الأولياء الكبار، والمطلعين على دقائق الأسرار، وكان يحفظُ الاسمَ الأعظم فآل به الحال إلى قول ذي العزة والجلال:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ}[الأعراف: ١٧٥] فكان أول أمرهما ذنبًا، وآخره كفرًا فهلكا مع الهالكين ومن أمثالهما خلق كثير وجمع غفير فعلى العبد المعترف بالعبودية الرجوع إلى مولاه، والإنابة إلى مَن يعلم سره ونجواه فهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويهدي من أراد به خيرًا إلى طرق رشاده.
قال بعضُ السلف: سواد القلب من الذنوب، وعلامة سواده