والحاصل أنك إذا برأت قلبكَ مِن الذنوب كلها، وعزمت على أن لا تعود إلى الذنب والحوب جزمًا صادقًا، وعزمًا فائقا، وأرضيت ما أمكن من الخصوم، وقضيت الفوائت، ورجعت فيما لا يمكن إلى الحي، القيوم فاذهبْ فاغتسل، واغسلْ ثيابك، وصلِّ أربع ركعات كما يجب وضع وجهك على التراب، ومرغ خدّ الذل على الأعتاب ويكون ذلك في مكان خال من سوى علام الغيوب فإنَّ علمَه محيطٌ بالكائنات، وعبده في عينه أين كان ثمَّ ضع التراب على رأسك، ومرغ وجهك الذي هو أعز أعضائك بالتراب بدمعٍ جارٍ، وقلب حزين، وصوت عال ونداء خفي وتذكر ذنوبَك ذنبًا ذنبًا، وتلوم نفسك العاصية عليها وتوبخها وتقول:
أما تستحي يا نفس من مولاكِ ... تبًا لكِ فإلىَ متى أنهاكِ
جاء النذيرُ ولم تتوبي فارجعي ... وتيقني أنَّ الرحيم يراكِ
حتَّى متى هذا التمادي في الهوى ... توبي عسى مَوْلي الورى يرضاك
أما آن لكِ أنْ تتوبي، وترجعي، ألكِ طاقة بعذاب الله؟ ألك حاجة بسخط الله؟ تكثر من نحو هذا مع الدمع المسفوح، والقلب المجروح، ثمَّ ترفع رأسك ويديك إلى أرحم الراحمين، وتقول إلهي عبدك الآبق رجع إلى بابك، عبدك العاصي رجع إلى الصلح، ووضع خده على أعتابك، عبدك المذنب أتاكَ بالعذرِ فاعف عني بجودك وكرمكَ وَمنِّكَ، وتقبلني بفضلِكَ، وانظرْ إليَّ برحمتك اللهم اغفر لي عظائم الأمور يا منتهى همة المهمومين، يا مَن إذا أراد شيئًا إنَّما يقول له: كن