فالصبي يستلذ اللعب فإذا ترعرع رأى لذة الزينة وركوب الخيل فاحتقر ما كان فيه من اللعب، فإذا بلغ طلب النكاح فاحتقر ما كان فيه قبله، فإذا رأى الرئاسة والعلو وكثرة المال قدَّمه على ذلك فإن كان قلبه نيِّرًا قدَّم حب العلوم على الكل؛ لأنَّ لذة العلم تدرك بالذوق والعقل فتزيد على اللذات الحسية.
فعلى هذا لا محبوب على الحقيقة للعقول النيرة إلا الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ الحب ميل النفس إلى الشيء الموافق والكمال والجمال والإحسان موافق
والله عزَّ وجل منفرد بذلك فإنَّه تام القدرة كامل الصنعة ظاهر الحكمة خالق النفس، وبه قوامها وتكميلها فمن أحب نفسه وجب عليه حب من أفاده الوجود وأدامه له وهيأ له أسبابه، وأحسن إليه وحب المحسن يقع اضطرارًا.
قال عليه السلام:"أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة" فمن لاحظ جمال العزة وكمال العظمة وجزيل الفضل، أحب ضرورة وهذه المحبة لا تحصل إلا بعد المعرفة.
وقولنا: الحب ميل النفس إلى الشيء الموافق هو أحد الأقوال في تعريف المحبة.