فعلى هذا: المحبة غليان القلب وثورانه عند الاهتياج إلى لقاء المحبوب.
وقيل: من الحَبِّ وهو جمع حبة أعني: لباب الشيء وخالصه وأصله فإن الحَبَّ أصل النبات والشجر.
وقيل: من حِب الماء الذي يوضع فيه؛ لأنه يمسك ما فيه من الماء ولا يسع غيره إذا امتلأ، وكذلك قلب المحب إذا امتلأ من الحب فلا اتساع فيه لغير المحبوب والحب بالكسر الزير.
وقيل: مشتقة من الصفاء؛ لأنَّ العرب تقول لصفاء بياض الأسنان ونضارتها حبب الأسنان.
وقيل غير ذلك، وسئل الجنيد رحمه الله عن المحبة لله فقال: عبدٌ ذهب عن نفسه واتصل بذكر ربه، وقام بأداء حقوقه ونظر إليه بقلبه، فإن تكلم فبالله وإن سكت فمع الله.
وقال بعضهم: الحب كامن في الفؤاد كالنار في الزناد إن قدحته أورى، وإن تركته توارى فهو ألطف من أن تدركه عبارة وأدق من أن تتناوله إشارة، يستدل عليه بآثاره ويعرف وجوده بأنواره.
وكلامهم في هذا الباب كثير جدًا، والظاهر أن كل محب أخبر بحسب ما أدرك من حاله ولذيذ وصاله، فكل محب عبر عن حاله وبلباله بحسب ما أمكنه وإلا فالحب إنما يدرك بمجرد الذوق؛ إذ هو لا يدرك بالحواس الخمس كما أسلفنا بل بالذوق الصحيح والله تعالى أعلم.