للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن من الأسباب المستجلبة لمحبة رب الأرباب معرفة نعمه الوافرة ومننه السافرة.

وقد جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها، وهذا مرويٌّ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ولذا قال بعضهم: إذا كانت القلوب جبلت على حبّ من أحسن إليها فواعجبًا لمن لا يرى محسنًا غير الله كيف لا يميل بكليته إليه.

وقال بعضهم: ذكر النعم يورث الحبّ لله عزَّ وجل.

وقال الفضيل: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: أحبني وأحب من يحبني وحببني إلى خلقي، قال يا رب: هذا حبك وأحب من يحبك فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال: تذكرني ولا تذكر مني إلا حسنًا (١).

وعن كعب: أوحى الله إلى موسى عليه السلام يا موسى: أتحب أن أحبك وملائكتي والجن والإنس؟ قال: نعم يا رب، قال: حببني إلى خلقي، قال: كيف أحببك إلى عبادك؟ قال: ذكرّهم آلائي ونعمائي فإنهم لا يذكرون مني إلا كل حسنة (٢).

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: التفكر في نعم الله أفضل عبادة.

وكلام الإمام أحمد يدلّ على هذا وكان أكثر عمل أبي الدرداء


(١) علق الحافظ العراقي على ذلك بقوله: هذا الخبر لم أجد له أصلًا وكأنه من الإسرائيليات، انظر إحياء علوم الدين (٤/ ١٤٢) استنشاق نسيم الأنس (٤٥).
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٣٢.