للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض المريدين: وجدت حلاوة المناجاة فأدمت قراءة القرآن ليلاً ونهارًا ثم لحقتني فترة فانقطعت عن التلاوة قَالَ: فسمعت قائلا يقول وأنا في المنام هذين البيتين:

إن كنت تزعم حبي ... فلم جفوت كتابي

أما تدبرت ما فيه ... من لطيف عتابي

قال فانتبهت وقد أشرب قلبي محبة القرآن فعاودت إلى حالتي الأولى وعلى كل حال مَن أحب الله أحب كلامه بلا جدال والله أعلم.

المقصد الثالث: في أنس المحبين بالله تعالى، وسهرهم بمناجاته، وشوقهم. ثبت في الصحيحين، والسنن، والمسانيد من غير وجه أنَّ جبريل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإحسان، قال - صلى الله عليه وسلم -: "الإحسان أنْ تعبدَ الله كأنكَ تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراكَ" (١).

قال بعضُ العارفين (٢): مَن عملَ لله على المشاهدة فهو عارف، ومن عمل على مشاهدة الله إياه فهو مخلص فهذان مقامان: أحدهما: الإخلاص وهو أنْ يعملَ العبد على استحضار مشاهدة الله إياه، واطلاعه عليه، وقربه منه فإذا استحضر العبدُ ذلك في عمله، وعمل على هذا المقام فهو مخلصٌ لله؛ لأنَّ استحضارَه ذلك في عمله يمنعه من


(١) أخرجه البخاري (٥٠)، (٤٧٧٧)، ومسلم (٨، ٩)، وأحمد ١/ ٢٨، والترمذي (٢٦١٠)، وأبو داود (٤٦٩٥) عن عمر بن الخطاب.
(٢) ذكره ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" ١/ ١٢٩.