للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جده أنَّه سئل عن كشف العورة خاليًا فقال: الله أحق أن يستحيا منه.

وقد ندب - صلى الله عليه وسلم - إلى دوام استحضار معية الله، وقربه، والحياء منه في غير حديث ودلّ عليه قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤]. وفي الحديث: "أفضل الإيمان أنْ تعلم أنَّ الله معك حيث كنت" (١) رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت مرفوعًا. وقال - صلى الله عليه وسلم - لأبي أمامة: "استحِي من الله استحياءك من رجلين من صالحي عشيرتك هما معك لا يفارقانك" (٢) وفي هذا المعنى أنشد بعضُهم وأحسنَ (٣):

كأن رقيبًا منكَ يرعى خواطري ... وآخر يرعى ناظري ولساني

فما بصرت عيناي بعدك منظرًا ... لغيرك إلاَّ قلتُ: قد رمقاني

وما بدرت مِن فيَّ بعدك لفظةٌ ... بغيرك إلاَّ قلت: قَدْ سمعاني

ولا خطرت من فكر غيرك خطرة ... على القلب إلاَّ عرجا بعناني

إذا ما تسلى القاعدون عن الهوى ... بذكر فلان أو كلام فلان

وجدت الذي يسلي سواي يسوقني ... إلى قربكم حتَّى أمل مكاني

وإخوان صدق قد سئمت لقاءهم ... وغضضتُ طرفي عنهم ولساني

وما البغض أسلى عنهم غير أنني ... أراكَ على كلِّ الجهات تراني

ويتولد من ذلك الإنس به سبحانه، والخلوة لمناجاته، وذكره،


(١) أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" ١/ ٣٠٥، وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ١٢٤.
(٢) أخرجه ابن عدي في "الكامل" ٢/ ١٣٦، ٤/ ٨٩.
(٣) هذه الأبيات لأبي بكر الشلبي وهي من بحر الطويل.