للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنيسه. وكان ذو النون يقول: من علامة المحب لله ترك كلّ ما يشغله عن الله حتَّى يكون الشغل بالله وحده. ثم قال: إنَّ مِنْ علامة المحبين لله أن لا يأنسوا بسواه، ولا يستوحشوا معه. ثم قال: إذا سكن حب الله القلبَ أنسَ بالله؛ لأنَّ الله أجل في صدور العارفين من أن يحبوا سواه وكانت رابعة رحمها الله تنشد:

ولقدْ جعلتكَ في الفؤادِ محدثي ... وأبحت جسمي مَن أراد جلوسي

فالجسم مني للجليس مؤانسا ... وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه كثيرًا ما يتمثل في خلواته بقول القائل:

وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك القلب بالسر خاليا

قلت: والبيت لمجنون ليلى من قصيدة طويلة قد أنشدها سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره (١) في بعض مجالسه لما سئل عن المحبة منها:

لقد لامني في حبّ ليلى أقاربي ... أخي، وابن عمي، وابن خالي وخاليا

ولو كنت أعمى أخبط الأرض بالعصى ... أصم ونادتني أجبت المناديا

وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس يا ليلى خاليا

وأشهد عند الله أني أحبها ... فهذا لها عندي فما عندها ليا


(١) قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله في معجم المناهي (٤٣٨) هذه من أدعية المتصوفة والروافض والسر عندهم: سر الأسرار والروح الطاهرة الخفية.
وقد سرت إلى بعض أهل السنة، ولو قيل: قدس الله روحه فلا بأس.