للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمحب الصادق إذا سافر طرفه في الكون لم يجد له طرفا إلا على محبوبه فإذا انصرف بصره عنه رجع إليه خاسئًا وهو حسير.

ويسرح طرفي في الأنام وينثني ... وإنسان عيني بالدموع غريق

فيرجع مردودًا إليك وماله ... على أحد إلاَّ عليك طريق

وقيل: لبعض العارفين وقد رؤي يصلي وحده: ما معك مؤنس؟ قال: بلى قيل له: أين هو؟ قال: أمامي، وخلفي، ومعي، وعن يميني، وعن شمالي، وفوقي قيل له: معك زاد؟ قال: نعم الإخلاص قيل له: أمَا تستوحش وحدك؟ قال: إن الأنس بالله قطع عني كلّ وحشة حتَّى لو كنت بين السباع ما خفتها.

وقال بعضهم: عجبت لمن عرف الطريق إلى الله كيف يعيش مع غيره؟! والله تعالى يقول: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا} [الزمر: ٥٤] وقال بعض العارفين: من لزم الباب أثبت في الخدم، ومَن استغنى بالله أمن من العدم.

وفي الإسرائيليات يقول الله تعالى: ابن آدم أطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كلّ شيء، وإن فتك فاتك كلّ شيء وأنا أحب إليك من كلِّ شيء. وأنشد أبو الحسن بن بشار الزاهد:

تنقضي الدنيا وتفنى ... والفتى فيهما مُعَنَّى

ليس في الدنيا نعيم ... لا ولا عيش مُهَنَّا

يا غنيا بالدنانير ... محبّ الله أغنا

وقال غيره:

لقد كنت أخشى الفقر حتَّى ... وجدتكم فصرت أدلّ المفلسين على الكنز