يا سكني لا خلوت من سكني ... دهري ويا عُدَّتي على الزمن
أوحشني ما فقدت منه وقد ... عاد بإحسانه فقربني
وعدت أيضًا فعاد منعطفًا ... كذاك مذ كنت منه عودني
حسبي من كل من شغلت به ... أصحبه مؤنسًا ويصحبني
هربت من مسكني إلى سكني ... حقًا ومن موطني إلى وطني
وكنت في غفلة فنبهني ... وكنت في رقدة فأيقظني
وكنت أخشى ما فات من زللي ... فحييت مستأمنًا فأمَّنني
يا قوم قولوا كلا بأجمعكم ... يا ليت ما كان قط لم يكن
ثم اشتد بها القلق وأزعجها الفرَق فكانت تصيح:
هربت منه إليه، بكيت منه عليه، وحقه وهو سؤلي، لازلت بين يديه حتَّى أنال وأحظى بما أرجى لديه، ثم لبست خمارًا من صوف ومدرعة من شعر وصاحت من شوقها وباحت بتوقها فقالت:
يا سرور السرور أنت سروري ... وحبوري وأنت نور النور
كم ترى يصبر المحب على البعد ... وكم يلبث الهوى في الصدور
ثم رحلت إلى مكة فطافت حول البيت وصاحت، إلهي كم ترى تخلفني في دارٍ لا أرى فيها أنيسا قد طال شوقي إليك فوقعت ميتة رحمها الله تعالى.
واعلم أن همم هؤلاء السادة متعلقة بالآخرة برؤية رب العالمين والنظر إلى وجهه الكريم في دار كرامته والقرب منه وحسن محاضرته.
وقال الحسن رحمه الله: لو علم العابدون أنهم لا يرون