للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تروني حية بين أظهركم وفي قلبي من الأشواق إلى ربي، مثل شعل النار التي لا تطفأ حتَّى أصير إلى الطبيب الذي بيده بُرء دَائي وشفائي.

وذكر في "زبدة الأعمال وخلاصة الأفعال الملتقطة" من تاريخ مكة للأزرقي رحمه الله: أن بعض العابدين قال: رأيت شابة نحيفة الجسم خفيفة الساقين في الطواف وهي تقول: هذا بيت ربي هذا بيت معشوقي (١) هذا بيت من اشتقت إليه ثم وضعت خدها على حائط البيت فوقفت ساعة ثم أنشأت تقول:

الشوق حيرني والشوق طيرني ... والشوق قربني والشوق أبعدني

والشوق قيدني والشوق أطلقني ... والشوق فرق بين الجفن والوسنِ

فقال لها الشبلي: هل اشتقت إلى ربك؟ قالت: لا لأنّ الشوق لا يكون إلا لغائب وما غبت عنه طرفة عين وأنشدت:

قلب شرود وعقل والهٌ أبدا ... وشربة سكرها باقٍ إلى الأبدِ

يا عاذل العاشقين أرفق علىَّ فهمُ ... أفنوا زمانهم بالهمِّ والكمدِ

أفناهم الحب والكتمان قاطبة ... حتَّى تراهم بلا روح ولا جسدِ

كان يقوم بصدري في بعض الأحيان من الغرام ما يجرِّعني كاسات الحِمام. وتضيق عليّ الأرض بما رحبت فأخرج إلى الفلاة وأنوح على نفسي وقد أوهى جسمي شوقي وحدسي.

ولقد قلت في مثل هذه الحالة وأنا أتخيل أن الغرام يفني جسمي لا محالة من قصيدة طويلة أولها:


(١) هذه من عبارات الصوفية يصفون الله عز وجل بمعشوقهم وهذا خلاف السنة.