للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "الهدي" للمحقق أيضًا، عن بعض أهل عاصم الجحدري قال: رأيتُ عاصمًا الجحدري في منامي بعدَ مَوته بسنتيْن، فقُلتُ: أليس قدْ متّ؟ قال: بلى، قلت: فأين أنت؟ قال: أنا والله في رَوضة من رِياض الجنة، ونفر من أصحابي، نجتمع كُلّ ليلة جمعة وصبحتها إلى أبي بكر بن عبد الله المزني، فنتلاقى أخبارَكم قال: قلتُ أجسامكم أم أرواحكم؟ قال: هيهات بليتِ الأجسامُ إنما تتلاقى الأرواح، قال: فقلت فهل تعلمون زيارتنا إياكم؟ قال: نعلمُ بها عشية الجُمعة ويوم الجمعة كله، وليلةَ السبت إلى طلوع الشمس، قال: قلتُ وكيف ذاك دون الأيام كلها؟ قال: لفضل يوم الجمعة، وعظمته (١).

فإن قيل: فهل تتلاقى أرواح الأحياء والأموات؟ فالجواب: نعم تتلاقى.

قال المحققُ في "الرّوح": وشواهدُ هذه المسألة وأدلتها أكثر من أنْ يُحصيها إلا الله تعالى، فتلتقي أرواح الأحياء والأموات كما تلتقي أرواح الأحياء، وقد قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)} [الزُّمَر: الآية ٤٢].


(١) زاد المعاد ١/ ٤١٥ - ٤٦٠ وعزاه ابن القيم إلى ابن أبي الدنيا في "المنامات"، والخبر في "شعب الإيمان" للبيهقي ٧/ ١٨.