للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر أبو عبد الله بنِ مَنده من الأصحاب عن ابن عبّاس في هذه الآية قال: بلغني أنّ أرواحَ الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم، فيمسك اللهُ أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء، إلى أجسادها. وذكر ابن أبي حاتم نحوه عن السدي (١).

قال المحقق (٢): وهذا أحد القولين في الآية وهو أن الممسَكة مَنْ تُوفيت وفاة الموت أولا، والمرسلة من توفيت وفاة النوم والمعنى على هذا أنه يَتوفى نفس الميت، فيمسكها، ولا يُرسِلُها إلى جَسَدها قبل يوم القيامة ويتوفي نفس النائم، ثم يُرسلها إلى جَسَدها إلى بقية أجلها، فيتوفاها الوفاة الأخرى والقول الثاني: أن الممسكة والمرسلة كلاهما توفي وفاة النوم، فمن استكملت أجلها أمسكها عنده فلا يردها، إلى جَسدها ومَن لم تستكمل أجلها رَدّها إلى جسدها.

واختار هذا شيخ الإسلام (٣) قدس الله روحه قال: وعليه يَدُلّ القرآن والسّنّة، فإنّه سُبحانه ذكر إمساكَ التي قَضى عليها الموت من هذه الأنفس، التي توفاها وفاة النوم، وأما التي توفاها حين مَوتها فتلك لمْ يصفها بإمساك، ولا إرسال، بل هي قسم ثالث والذي يترجح هُو القولُ الأوّل لأنه سبحانه أخبرَ بوفاتين، وفاة كُبرى وهي:


(١) تفسير الطبري ٢٤/ ٩.
(٢) "الروح" ص ٥٠.
(٣) كما نقله في الروح ص ٥٠ - ٥١.