للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاة الموت، ووفاة صغرى، وهي وفاة النوم.

وقسّم الأرواح قسمين: قسمًا قضَى عليه الموت فأمسكها عنده، وهي التي توفاها وفاة الموت، وقسمًا لها بقية أجل فردّها إلى جسدها قاله المحقق، ثم قال: والتحقيقُ أنَّ الآية تتناوَل النوعين فإنَّه سبحانه ذكر وفاتين، وفاتَ نوم ووفات موت، وذكر إمساك المتوفاة وإرسال الأخرى، ومعلوم أنه يمُسك كُلّ نفس ميّت سواءً مات في النوم أو اليقظة ويُرسل كُل نفسِ مَن لم يمت فقوله {يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزُّمَر: الآية ٤٢] يتناول من مات في اليقظةِ، ومن مات في المنام.

وقد دَلَّ على التقاء أرواح الأحياء والأموات؛ أنّ الحيّ يرى الميت في منامه فيستخبره، ويخبره الميت بما لا يعلمه الحي، فيصادف خبره ما أخبر في الماضي والمستقبل، وربُما أخبره بمالٍ دفنَه الميتُ في مكانٍ لم يعلم به سواه، وقد حكى غير واحد من أهل العلم، أنّ رجلًا غنيًا حج فأودع آخر موْسومًا بالأمانة والصّلاحِ ألفَ دينارٍ حتّى يعود، مِن عَرفة فلمّا عاد، وجده قد مات، فسأل ورثته عن المال، فلم يكن لهم به علم فسأل علماء مكة عن قصّته، فقالوا له: إذا كان نصف الليل فائت زمزم وانظر فيها، وناد يا فلان باسمه، فإن كان من أهل الخير فيُجيبك من أوّل مرّة، فذهب ونادى فيها فلم يجبه أحد فأخبرهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، نخشى أن يكون