مصروفًا، وتأمله بعين الإنصاف وحفظه من كل حسود وسفساف، يغمص الحق لحسده، ويحرف الكلم عن مواضعه بحقده، وما كان في هذا الكتاب من صواب فمن الله ورسوله وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريء منه وهو سبحانه يعامل كل إنسانٍ بنيته، وهو مطلع على أمنيته، وها أنا أسأل بلسان التضرع والخضوع، وأبتهل إلى مولاي بعين التذلل والخشوع، أن يجعل كتابنا هذا مرادًا به وجهه الكريم، مصونًا من شائبة الرياء والتعظيم، وأسأل من تصفح أبوابه، وتأمل ألفاظه وإعرابه، أن يصفح عن شينه، ولا يزدريه في عينه، وأن يبادر إلى إصلاح ما عثر عليه من السقط، وأن يصحح ما وقف عليه من الغلط، فلعل القلم سبق إلى غير المراد، أَوْ تبَادَرَ الذهنُ معان فنقص من ذلك أو زاد، فإنما أنا ناقل من الطروس المتداولة، وليس لي من ذاك إلا أجر المناولة، فهذا اعتذاري لمن تأمله، والمعترف بالذنب كمن لا ذنب له، ومن لا يقبل العذر فقد حرم التوفيق، وعدم اصطناع المعروف وحلاوة التحقيق:
جزا الله خيرًا من تأمل تأليفي ... وقابل بالإغضاء وضعي وتصنيفي
فما لي شيء غير أني جمعته ... وحررته من غير شين وتحريفي
وضمتنه علمًا نفيسًا وكنت في ... مناقشتي كشاف عن كل ذي زيفي
وقمت على ساق التقشف ضارعًا ... إلى الله في الأسحار بالذل والخوف
عسى خالقي يمحو ذنوبي بمنه ... ويمنحني الرضوان من غير تعنيفي
والحمد لله أوّلاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا والحمد لله الذي اهدانا