للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسان، والنفس هي التي يقالها جسد مجسد لها يدان ورجلان وعينان ورأس وأنها هي التي تلذ وتفرح وتألم وتحزن، وأنها هي التي تُتَوفَّى في المنام، وتخرج وتسرح، وترى الرؤيا فتسرُ بما ترى أو تحزن به، ويبقى الجسم دونها بالروح لا يلذّ ولا يفرح، ولا يعقل حتى تعود إليه النفس، فإن أمسكها الله ولم يرجعها إلى جسدها، تبعها الروح فصارت معها شيئًا واحدًا، ومات الجسم وإن أرسلها إلى أجل مسمّى، وهو أجل الوفاة حَيَى الجسمُ، واحتج بقوله {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزُّمَر: الآية ٤٢].

والصواب، قول الأكثر: إنهما شيء واحد، لما تظافرت به الأحاديث الصّحيحة، والأخبار الصريحة من إطلاق كل واحد منهما عليها فتارةً يقول: الروح، وتارة يقول النفس.

وقال ابن منده من أصحابنا: اختلفوا في معرفة الروح والنفس، فقال بعضهم، النفس (١) طينية نارية والروح نورية روحانية. وقال بعضهم: الروحُ لاهوتية والنفس ناسوتية وإن الخلق بها ابتلى، وقالت طائفة: وهم أهل الأثر إن الروح غيرُ النفس، والنفس غيرُ الروح، وقوام النفس بالرّوح، والنّفس صورة العبد، والهَوى والشهوة والبلاء معجون فيها، ولا عدوّ أعدى لابن آدم من نفسه، لا تريد إلّا الدنيا ولا تحب إلّا هي، والرّوح تدعو إلى الآخرة وتؤثرها وجعل الهوى تبعًا للنّفس، والشيطان تبع لها وللهوى، والملك مع


(١) ليست في (أ).