وذُهِب بي إلى قبري، فإذا إنسانٌ حسن الوجه، طيّبَ الرّيح قد وضعني في لحدي فطوّاه بالقراطيس، إذ جاءت إنسانة سوداء منتنة الريح قالت: هذا صاحب كذا، وهذا صاحب كذا، أشياء والله أستحيي منها، كأنَّما أقلعتُ عنها ساعته، قال: قلتُ: أنشدك الله أن تدعني وهذه، قالت: انطلق نخاصمك، فانطلقتُ إلى دار فيحاء واسعة، فيها مصطبة كأنّها من فضة، وفي ناحية منها مسجد ورجل قائم يصلي، فقرأ سورة النحل، فتردّد في مكان منها، ففتحتُ عليه فانفتل، فقال: السورة معك؟ قلتُ: نعم. فقال: أمّا إنها سورة النجم، ورفع وسادة قريبة منه، فأخرج منها صحيفة فنظر فيها فبادرته السَّوداء، فقالت: فعل كذا وفعل كذا، قال وجعل الحسن الوجه يقول: وفعل كذا وفعل كذا، وفعل كذا؛ يذكر محاسني.
فقال الرّجل: عبدٌ ظالم لنفسه ولكن الله تجاوز عنه، لم يجيء أَجَلُ هذا بعدُ، أَجَلُ هذا يوم الاثنين. قال: فقال: انظروا فإن أنا متّ يوم الأثنين فارجو لي ما رأيت، وإن لم أمت يوم الاثنين فإنما هو هذيان الوجع. قال: فلمّا كان يوم الاثنين، صحّ حتى بعد العصر ثم أتى أجله.
وفي لفظ: فلمّا خرجنا من عند الرجل قلت للرّجل الحسن الوجه الطيب الريح، ما أنت؟ قال: أنا عملك الصّالح، قلت: فما الإنسانة السوداء المنتنة الريح؟ قال: عملك الخبيث، أو كلامٌ يُشبه هذا، ذكرهُ الحافظ ابن رجب في "أهوال القبور"(١). وقال: فيه عن عمر بن