للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صحة العقيدة وإخلاص الشهادة ولا شيء من ذَلِكَ يدل على ذَلِكَ كما لا يخفى على من تأمل.

بقي من الشهداء العاشق (١) إذا عف وكتم ومات والتعليل فيه كما في المرابط؛ لأن صبره عن معشوقه مع القدرة عليه وكتمان ما في قلبه من نار العشق والتعفف عن المعصية يظهر صدق ما في ضميره من الإيمان بالله ورسوله. ولولا ذَلِكَ لهجم على محبوبه ومطلوبه. وهذا ما فتح الله به على هذا الفقير ولم أر من تعرض لذلك.

يبقى موت الغريب (٢) فلا أعلم له تعليلًا غير الذل والانكسار، نعم إن كان مغتربًا لنحو طلب العلم يأتي فيه التعليل في حق المرابط وأما أمناء الله في الأرض فيلحقوا بالصديقين.

فيبقى المجنون والنفساء فأما المجنون فهو كالطفل، وأما النفساء فإما لموتها عاقلة عارفة بالله وإما لشدة ما تلقى من النصب ومقاساة صعوبة النفاس وهذا ما ظهر لي والله أعلم.

قال الحكيم الترمذي (٣): ومن مات يوم الجمعة، فقد انكشف الغطاء عما له عند الله؛ لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها، ولا يعمل سلطان النار ما يعمل في سائر الأيام، فإذا


(١) بلفظ: "من عشق فكتم وعف مات شهيدًا" أخرجه الخطيب في تاريخه وفي سنده مقال، انظر (٣٣٧) ت (١).
(٢) بلفظ "موت كربة شهادة" أخرجه ابن ماجه بسند واهٍ، قال المنذري "الترغيب والترهيب" (٥/ ٢٧٩) جاء أن موت الغريب شهادة أحاديث، لا يبلغ شيء منها درجة الحسن سيأتي في ص ٣٣٦ ت (٢).
(٣) "نوادر الأصول" ص ٤٠٤.