للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخته، فقالت: كانت تؤخِّر الصّلاة، ولا تصلي فيما أظنّ بوضوء، وتأتي أبواب الجيران إذا ناموا فتلقم أذنها أبوابهم، فتخرج حديثهم (١).

وحكى الحافظُ ابن رجب وغيره (٢) أنّ جماعةً من التابعين خرجوا لزيارة أبي سنان، فلما دخلوا عليه، وجلسوا عنده، قالوا: قوموا بنا نزر (٣) جارًا لنا مات أخوه، ونعزيه فيه.

قال محمد بن يوسف الفريابي: فقمنا معه، ودخلنا على ذلك الرجل، فوجدناه كثير البكاء والجزع على أخيه، فجعلنا نُعزيه ونسليهُ وهُوَ لا يقبل تسلية، ولا عزاء: فقلنا له: أما تعلم أنَّ الموت سبيلٌ لابُدَّ منه؟

قال: بلى، ولكن أبكي على ما أصبح وأمسى فيه أخي من العذاب فقلنا له: قد أطلعك الله على الغيب؟ قال: لا، ولكن لمّا دفنته وسويت عليه التراب، وانصرف الناس جلستُ عند قبره، وإذا صوتٌ من قبره يقول: أوه أفردوني وحيدًا أقاسي العذاب، قد كُنتُ أصُلّي، قد كنت أصوم، فأبكاني كلامه وقلتُ: صوت أخي والله أعرفه، فقلت: لعلّه خُيّل إليك، قال: ثم سكت، فإذا أنا بصوته يقول: أوه ولا أدري في الثانية، أو في الثالثة فنبشته حتى بلغْتُ قريبًا من اللبن، فإذا طوق من نار في كفنه، وفي "الزواجر" في عنقه. انتهى وفي وسطه فأدخلت يدي رجاء أن أقطع ذلك الطوق،


(١) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "من عاش بعد الموت" (٢٧).
(٢) "أهوال القبور" ص ١٠٤ - ١٠٥.
(٣) في الأصل: "نزور" والصواب ما أثبتناه.