للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاحترقتْ أصابعي، فبادرت إخراجها، فإذا يده قد احترقت أصابعها، قال: فرددت عليه التراب وانصرفت، فكيف لا أبكي على حاله، وأحزن عليه؟ "

فقُلنا: فما كان أخوك يعمل في الدنيا؟ قال: كان لا يؤدِّي الزكاة من ماله، فقلْنا هذا تصديق قول الله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٨٠]، وأخوك عجّل له العذاب في قبره، ثم خرجنا من عنده.

قال محمد بن يُوسف الفريابي (١): فقلت للأوزاعي، وزعم في "الزواجر" (٢) أنه إنما قال لأبي ذر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هؤلاء اليهود والنصارى، يموت الميت منهم ولا نرى فيهم ذلك، أو لا نسمع هذا منهم، فقال: أولئك لا شك أنهم في النار، وإنما يريكم الله في أهل الإيمان، لتعتبروا، أو نحو هذا.

وذكرَ الحافظ ابن رجَب أيضًا، في "أهوال القبور" (٣) له: أن ابن أبي الدنيا أخرج عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان جالسًا، فأتاه قومٌ فقالوا: إنا خرجنا حُجاجًا ومعنا صاحبٌ لنا، حتى أتينا ذات الصفاح (٤)، فمات فيها فهيأناه، ثم انطلقنا، فحفرنا له قبرًا ولحدنا


(١) "أهوال القبور" ص ١٠٥.
(٢) "الزواجر" ١/ ١٧٢.
(٣) "أهوال القبور" ص ١٠٥.
(٤) قال الفاكهي في "أخبار مكة" ٥/ ١٠٤: الصفاح من وراء جبال عرفة بينها وبين مكة عشرة أميال وكان الناس يلتقون هنالك عند دخولهم بالحج =