شهد القصة، حكاهُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وعائشة رضي الله عنها؛ لم تشهد ذلك، وروايتُها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إنَّهم ليعلمون الآن، ما كنت أقول لهم"، حقّ تُؤيد روايةَ من روى:" [إنهم لَيَسْمَعُون] "، ولا تنافيها، فإنَّ الميت إذا جاز أن يعلم، جاز أن يسمع؛ لأن الموت ينافي العلم، كما ينافي السمع والبصر، فلَو كان مانعًا من البعض، لكان مانعًا من الجميع، وتقدَّمَ حديثُ أُمِّ محجن.
وأمّا قولُ مَن قال: إن ذلك خاصٌّ بكلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فليس كذلك، فقد ثبت في الصحيحين، أنّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ العبدَ إذا وُضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنَّه لَيَسْمَعُ قرعَ نِعالهم" وتقدم.
وأما قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل: الآية ٨٠] وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر: الآية ٢٢]. فإن السَّماع يُطلقُ ويُرادُ به: إدراك الكَلام وفهمُه، وُيرادُ به الانتفاع به، والاستجابة له، والمرادُ بهذه الآيات: نفي الثاني دون الأوَّل، فإنها في سياق خطاب الكفار، الذين لا يستجيبون للهدى والإيمان إذا دُعوا إليه، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا}[الأعراف: الآية ١٧٩] الآية.
ففي السماع والإبصار عنهم؛ لأنَّ الشيء قد يُنفى لانتفاء فائدته وثمرته، فإذا لم ينتفع المرء بما سمعه وأبصره، فكأنه لم يسمع ولم يُبصر، وسماع الموتى بهذه المثابة، وكذلك سماع الكفار لمن دَعاهم إلى الإيمان والهدى، وقول قتادة في أهل القليب أحياهم الله