للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى أسمعهم، يدلُّ على أن الميت لا يسمعُ القول إلَّا بعد إعادة الروح إلى جسده، كما جاء ذلك مُصرَّحًا في حديث البراء بن عازب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الطويل وتقدم فيه: "وتُعادُ روُحه إلى جسده".

وقد رجّح جماعةٌ، أن السؤال، والعذاب والثواب، أعني: النعيم للروح خاصة، وعليه الإمام ابن عقيل وأبو الفرج ابن الجوزي (١)، في بعض تصانيفهما، واستدل الإمام ابن عقيل بأن أرواح المؤمنين تتنعم في حواصل طيور خضر، وأرواح الكفار في حواصل طيور سود، وهذه الأجساد تبلى، فدلّ ذلك على أن الأرواح، تعذب وتنعم في أجساد أُخرَ، كذا زعم. وهذا لا حُجة فيه، لأنه لا ينافي اتصال الروح ببدنها أحيانًا، مع بقائه واستحالته.

واستدل بعضُ من ذهب إلى هذا القول بما رُوي أنّ ابن عُمر دخل المسجد، وابن الزبير قد قُتل وصُلب، فقيل له: هذه أسماء بنتُ أبي بكر في المسجد، فقال لها اصبري، فإن هذه الجثة ليست بشيءٍ وإنما الأرواح عند الله فقالت: وما يمنعني من الصبر، وقد أهدي رأس يَحيى بن زكريا إلى بَغي من بغايا بني إسرائيل (٢).

وبما روى ابن أبي الدُنيا: نزل عمرُ بنُ الخطاب إلى جانب قبور قد درستْ، فنظر إلى قبر منها، فإذا جُمجَمة بادية، فأمر رَجُلًا فواراها، ثم قال: إنَّ هذه الأبدانَ ليس يضرها هذا الثرى شيئًا، وإنَّما الأرواح التي تُعاقَبُ وتُثابُ إلى يوم القيامة.


(١) "أهوال القبور" ص ١٣٣.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ٢٠٢ و ٣٤٥ و ٧/ ٤٧٢.