للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحياء تُعرض على أقاربهم من الموتى، فانظر ماذا تعرضُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عمك قال: فبكى إبراهيم حتى سالت دموعه على لحيته ومِمّا ينبغي أن يتفطّنَ له أنه جاء أنَّ أعمال الأمّة كُلّها تُعرضُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه - صلى الله عليه وسلم - لأمته بمنزلة الوالد، بل أولى ولقد سمعتُ أستاذِي الشيخ عبد القادر التغلبي، قدَّسَ الله روحه يقول: شيخُ المرءِ أولى من أبيه؛ لأنَّ أبَ الإنسان يُربّيه حتى يبلغ أشدّه، ويَدَعُه فيكون جُلّ تربيته له من جهة ما يتعلقُ بأمُور الدنيا، وأمّا الشيخ فإنه يرشدُه لمعرفة ما يجب عليه وما يُسن وما يُكره، وما يُحرم وما يُباح ويدلّه على رَبِّه، ويعلّمه كلّ ما يحتاج إليه من أمر آخرته، ويعرّفه ما يجبُ لِلّه، وما يجوز وما يستحيل، وكذلك لنبيّه، أو نحو ذلك رضي الله عنه وجزاه الله عنا خيرًا.

وممَّا يدلّ لما ذكرنا مِن أنّ أعمالَ الأمّة، تُعرض على النبى - صلى الله عليه وسلم - ما أخرجه البزار في مُسنده، عن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "حياتي خيرٌ لكم تحُدثون ويحُدث لكم، ومماتي خيرٌ لكم تُعرضُ عليّ أعمالُكم فما رأيتُ مِن خير، حمدتُ اللهَ عليه، وما رأيتُ من شرٍ استغفرتُ الله لكم" (١).


(١) رواه البراز في "البحر الزخار" (١٩٢٥) بتمامه.
ورواه الحارث بالفقرة الثانية "بغية الباحث" (٩٥٣)، وابن سعد في "الطبقات" ٢/ ١٩٤، وأروده بتمامه الهيثمي ٩/ ٢٤ وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. =