للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج ابن أبي الدُنيا، عن محمد بن الحسين، عن خالد بن عمرو القرشي: حدثني صدقة بن سليمان الجعفري، قال: سرتُ سيرة سَمجة فماتَ أبي فأُنبئْتُ وندمت على ما فرطتُ، قال: ثم زَللتُ أيضًا (١) زلَّة، فرأيت أبي في المنام فقال: أي بُني ما كان أشد فَرحي بك، وأعمالك تعرض علي، فنشبهها بأعمال الصالحين، فلمّا كانت هذه المرة، استحيت حياء شديدًا، فلا تخزني فيمن حَولي من الأموات، قال خالد: فكانَ بعد ذلك قد خشعَ ونسك فكنتُ أسمعه يقول في دعائه في السحر، وكان لنا جارًا بالكوفة: أسألك إنابةً لا رجوع فيها ولا حور، يا مُصلح الصالحين ومهدي الضالين [وراحم المذنبين] (٢).

تنبيهان: الأوّل: إذا كانَ الإنسانُ يستحي من أهله وأقاربه أن تُعرضَ عليهم أعماله السّيّئة، فما بالُه لا يستحي من الذي خلقه من عدم، وعلمه الأخبار والحكم، وجعل له العقل والفكر، وخلق له السمع والبصر، وهو سبحانه وتعالى من غير شك مطلع على جميع أعماله الظاهرة والباطنة؛ لا ريب أن الله أحق أن يُستحى منه.

الثاني: قد ورد أن أبانا آدم تُعرض عليه أعمالُ ذريته، وأنُه يفرحُ


= وهو في "مسند الفردوس" (٦٨٦) من حديث أبي هريرة رَضي اللهُ عَنهُ.
ومن حديث أنس رواه ابن عدي في "الكامل" ٣/ ٧٦ (ترجمة خراش بن عبد الله) وهو متهم بالوضع.
(١) في "كتب القبور": أيما.
(٢) انظر: "القبور" ص ٢٠٦ - ٢٠٧.