للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ: ولعلّ هذا يرجعُ إلى أن الطفلَ المعين لا يُشهَدُ لأبيه بالإيمان، فلا يُشهدُ له أنه من أطفال المؤمنين، فيكون الوقف في آحادهم للوقف في إيمان آبائهم، وحكى ابن عبد البر (١)، عن طائفة من السلف القول بالوقف في أطفال المؤمنين، سمى منهم حماد بن زيد، وحمّاد بن سلمة، وابن المبارك، وإسحاق. قال الحافظ: وهذا بعيد جدًا، ولعلّه أخذ ذلك من عموم كلام لهم، وإنما أرادوا بها أطفال المشركين، وكذلك اْختار القول بالتوقف طائفة منهم الأثرم، والبيهقي، وذُكِرَ أنّ ابن عباس رجع إليه، والإمام أحمد، ذكر أنّ ابن عباس إنما قال ذلك في أطفال المشركين، وإنما أخذه البيهقي من عُموم لفظ رُوي عنه، كما أنه ورد في بعض ألفاظ حديث أبي هريرة، أن النّبي - صلى الله عليه وسلم -، سئل عن الأطفال فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (٢).

قال الحافظ: ولكن الحُفاظ الثقات، ذكروا أنه سُئل عن أطفال المشركين، واستدل القائل بالوقف بما أخرجه مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: تُوفي صبيٌّ فقلتُ طوب له، عُصفورٌ من عصافير الجنة، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أولا تدرين أن الله خلق الجنَّة وخلق النّار، فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً" (٣) قال الحافظ: قد ضعَّفَ الإمام أحمد رضي الله عنه هذا الحديث، فإن فيه طلحة بن يحيى، وقد رَوى


(١) "التمهيد" ١١/ ١٨.
(٢) رواه البخاري (١٣٧٤)، ومسلم (٢٦٥٩).
وانظر تفصيل هذا الموضوع في أول باب في "تحفة الأخيار بترتيب مشكل الآثار".
(٣) رواه مسلم (٢٦٦٢)، وأحمد ٦/ ٤١ و ٢٠٨.