للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفى حزنًا أن لا أمرُّ ببلدة ... من الأرض إلَّا دُونَ مدخلَها قبر (١)

وعن جعفر بن سليمان قال: كُنَّا نخرجُ مع مالك بن دينار زمان الحطمة فنجمع الموق، ونجهزهم فيخرج مالك على حمارٍ قصير قحاطَى لجامُه من ليف، عليه عباءة مُرْتّديها فيعظنا في الطريق، حتى إذا أشرف على القبور قال بصوتِ له محزون:

ألَا حيِّ القبور ومِن يهنّه ... وجوهٌ في التراب أحبّهنّه

ولو أنَّ القبورَ أجبْنَ حَيّا ... إذا لأجبْنَني إذْ زرْ تهنّه

ولكن القبورَ صمتْن عنّي ... أبتُ بحسرتي من عِندَ هُنَّه (٢)

وأخرج الحافظُ في "أهوال القبور": عن يحيى بن عبد الله قال: كُنَّا مع عبد الله بن جعفر بن سليمان أمير البصرة، فمرّ به رجل كان يعظ الناس، فقال لهُ عبد الله عظني ببيت من الشعر فقال:

إذا ثوّى في القبر ذو خطر ... فزره فيها ولا تنظر إلى خطر

فبكى عبد الله بن جعفر وكان ابن السّماك يتمثل بهذا البيت ويزيد فيه بيتًا آخر:

أبرزه الموتُ من مساكِنه ... ومِن مَقاصيره ومِنْ حَجَره (٣)

وأخرَج ابن أبي الدنيا حدثنا إسماعيلُ بنُ عبد الله قال: أنشدنا رجل ونحن بالمقابر:


(١) عزاه ياقوت الحموي في "معجم البلدان" إلى البحتري.
(٢) رواه أبو نعيم في "الحلية" ٢/ ٣٧٣.
(٣) أهوال القبور ص ١٨٥.