للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا يا عسكر الأحياء ... هذا عسكر الموتى

أجابوا الدعوة الصغرى ... ومُنتظرون للكبرى

يحثون على الزاد وما ... زادٌ سوى التقوى (١)

يقولولن لكم جدُّوا ... فهذا آخر الدُنيا

وأخرجَ عن غزوان بن عبد الرحمن بن غزوان قال: كنُتُ جالسًا مع أبي بالبصرة إذْ أقبل شيخٌ على حمارٍ في عُنقه حبلُ ليف، والشيخ حافٍ عليه جبة صوف حتى وقف علينا، فسَلمَّ على أبي، فأحفل أبي المسألة به وقال: من أين أقبلت؟ قال: فكرَّتُ في أهل هذا العسكر ليلًا فغدوتُ عليهم، فقلت:

وعظتكَ أجداث صُمّتٌ ... وبكتّكَ ساكنة جفت

وتكلمت عن أعظم تُبلى ... وعن صورٍ سبت

وأرتك قبرك في القبور ... وأنت حيٌّ لم تَمت

ثم ولَّى غيرَ بعيد ثم أقبل فقال:

ولربما انصرف الشُمَّاتُ ... وحل بالقوم الشَمَت

قال الحافظ ابن رجب قلت: هذا الشيخ أبو العتاهية والأبيات معروفة له.

وأخرج ابن أبي الدنيا عن سَلام بن صالح قال: فُقد الحسنُ ذاتَ يوم، فلما أمسى قال له أصحابه: أين كنتَ اليوم؟ قال: كنتُ اليومَ عند إخوان لي إن نسيتُ ذكَّروني، وإن غبتُ عنهم لمْ يغتابوني، فقال له


(١) "ذكر الموت" ص ٢٧٩ (٥٥٣).