للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقابر، فمرّ بحمجمة بادية من بعض القبور، فحزن حزنًا شديدًا ثم واراها، ثم التفت فلم يَر إلا القبور، فقال: لو كشفَ لي عن بعض أحدهم فسألتهُ عما رأى قال: فأتى فى منامه فقيل له: لا تغتر بتشييد القبور من فوقهم، فإن القومَ بليت خدودُهم في التراب، فمن بين مسرور ينتظر ثواب، الله عز وجل، وبين مغموم آسفًا على عقابه، فإياك والغفلة عما رأيت، فاجتهدَ الرجل بعد ذلك اجتهادًا شديدًا حتى مات.

وأخرَج أيضًا عن جابر قال: رأى رجل جُمجمة إنسان، فحدث نفسه بشيء فخرّ ساجدًا نادمًا مما حدث نفسه، فقيل له ارفع رأسك فأنت أنت، وأنا أنا.

وعن جَعفر قال: سمعتُ أبا عمران الجوني يقول: نودي ارفع رأسك فإنك ابن آدم، وأنا الله تعالى، تتوبُ أعود عليك.

وأخرج الإمام أحمد وابن ماجة عن البراء رضي الله عنه قال: بينا نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ بَصر جماعة فقال: "عَلامَ اجضح هؤلاء؟ " قيل على قبر يحفرونه، قال ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فَجثى عليه، قال: فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بلّ الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا فقال: "أي إخواني لمثل هذا اليوم، فأعدُّوا" (١).

وأخرج ابن أبي الدنيا، عن الحسن قال: ماتَ أخٌ لنا فلما وُضع في القبر جَاء صلةُ بن أشيم، حتى أخذ بناحية الثوب ثم قال:


(١) رواه أحمد ٤/ ٢٩٤، وابن ماجة برقم (٤١٩٥).