قد علمت أن العرب أسرع شيء إلى النِّساء وليس في الرُّوم أجمل من ابنتي، فادفعْه إليّ حتى أخلّيه معها، فإنها ستفتنه، فضرب له أجلًا أربعين يومًا ودفَعَه إليه، فأدخله مع ابنته، وأخبرها بالأمر فقالت له: دَعْه فقد كَفيتك أمره، فقام معها نهاره صائم، وليله قائم، حتى مَضى أكثر الأجَل فقال العلج لابنته: ما صنعت فقالتْ: ما صنعت شيئًا، هذا الرجل فقد أخويه في هذه البلدة، فأخاف أن يكونَ امتناعُه من أجلهما، كلما رَأى آثارهما، ولكن استزد الملِك في الأجل، وانقلني أنا وإيّاه إلى بلدٍ آخرٍ غير هذا، فزاده أيّامًا وأخرجهما إلى بلد آخر، فمكث على ذلك أيامًا صائمٌ النهارَ قائمٌ الليل، حتى إذا بقى من الأجل أيام قالت له الجارية ليلةً: يا هذا أراك تقدّس رَبّا عظيمًا وإني قد دخلتُ في دينك وتركُت دين آبائي قال لها: فكيف تكون الحيلة في أمر الهرب؟ قالت: أنا أحتال لك فجاءتهُ بدواب، فركبا فكانا يسيران بالليل، ويكمنان بالنهار فبينما هما يسيران ليلة، إذْ سمعا وقع خيل فإذا هو بإخوته، ومعهما ملائكة، فسلم عليهما، وسألهما عن حالِهما فقالا: ما كانت إلَّا الغطسة التي رأيت حتى خرجنا في الفردوس، وإنّ الله أرسلَنا إليك، لنشهد تزويجك بهذه الفتاة، فزوجوه إياها وخرجَ إلى بلاد الشام، فأقام معها وكانوا مشهورين بذلك، معروفين في الشام في الزمن الأوّل، وقد قال فيهما الشعراء أبياتًا منها:(١)
(١) سقطت صفحة من (أ) بعد هذا الموضع واستدركاها من (ب) و (ط).