للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليّا ونازعوه أمرًا هو أحق النّاس به عند كل منصف، والقاسط هو العادل أي العادلين عن الحق إلى الباطل، "وعهد إلينا أن نقاتل معه المارقين"، وأراد بهم الخوارج، فإنهم مرقوا من الدين.

وعن أبي سعيد مرفوعًا: "أنَّه يخُرجُ من ضئضيء هذا قومٌ يتلون كتاب الله رطبًا، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرقُ السّهم من الرَّمية، يقتلون أهل الإسلام ويَدَعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ثمود" (١)، وأحاديث الخوارج كثيرة جدًا.

ومُلخّص وقعتهم: أنه لمّا حَكّم عليّ ومعاوية الحكمين قالت القراء: كفر عليّ وكفر معاوية، فاعتزلوا أمير المؤمنين عليّا رضي الله عنه، ونزلوا بحروراء، وهُم بضعة عشر ألفا، فأرسل إليهم عليٌّ ابن عبَاس، فناشدهم الله: ارجعوا إلى خليفتكم، فبم نقمتم عليه؟ أفي قسمة أو قضاء؟ قالوا: نخاف أن ندخل في الفتنة قال: لا تُعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل، فرجع بعضُهم إلى الطاعة.

وقال آخرون: نكون على ناحيتنا فإن قبل القضية - يعني: التحكيم - قاتلناه على ما قاتلنا عليه أهل الشام بصفين، وإن نقضها قاتلنا معه، فساروا حتى قطعوا النهر، وافترقت منهم فرقة يقتلون الناس، فقال أصحابهم: ما على هذا فارقنا عليّا، فلما بلغ عليّا صُنعُهم، وكان متجهزًا إلى الشام قام فقال: أتسيرون إلى عدوّكم؟ أو ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوكم في ديارهم؟ قالوا: بل نرجعُ إليهم فقال: ابسُطوا عليهم، فوالله لا يُقتتل منكم عشرة، ولا يضر منهم


(١) البخاري (٧٤٣٢) مسلم (١٠٦٤).