للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمال، وطمعًا في تزويج يزيد لها فلم يحصل لها شيء من ذلك فخسرت وخابت فلا هي بزوجها ولا هي بمن طمعت فيه، وفاتَها المال وأغضبت رب العباد، وحُرمت شفاعة النّبي الهاد، وقاتِلُ الحسين ظن أن ابن زياد يوقر ركابه فضة وذهبا، فجازاه أن ضرب عنقه ضربا، فخسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين فنعوذُ بالله من مَكْرِه ونسأله الثبوت على ذكره.

قال في "الإشاعة" (١): والظاهرُ أنَّه إنما قتله ابن زياد؛ لأنه مدح الحسين، لا لأنَّه قتله، ويدُلّ لذلك أنَّه جعل الرأس الشريف في طست، وجعل يضرب ثناياه بقضيب، ويُدخله أنفه ويتعجب من حسن ثغره، فبكى أنس بن مالك عند ذلك، وقال: كان أشبههم برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال زيد بن أرقم: ارفع قضيبك فوالله: لطالما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقبل ما بين شفتيه، وبكى فأغلظ عليه اللعين ابن زياد، وهدده بالقتل، فقال: لأحدثنك بما هو أغيظ عليك من هذا، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، آخذٌ حسنًا على فخذه اليمنى، وحسينا على فخذه اليسرى، ثمَّ وضع يده الكريمة على نافوخيهما، ثمَّ قال: "اللهُمّ إني أستودعك إياهما، وصالح المؤمنين" (٢)، فكيف كانت وديعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عندك يا ابن زياد؟

قُلْتُ: وفي التذكرة (٣) بعد ذكر البيتين اللذين ذكرناهما آنفًا وزاد فيهما:


(١) ينظر لهذا وما قبله وبعده ص ٢٦.
(٢) الطبراني في الكبير (٥/ ٥٠٣٧) قال الهيثمي في المجمع (٩/ ١٩٧) رواه الطبراني وفيه محمَّد بن سليمان بن بزيع ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. أهـ.
(٣) (٢/ ٣٩٠).