للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان على الصواب، وأن الحُسين أخطأ في الخروج عليه، ولو نظروا في السِير لعلموا كيف عُقدت له البيعة، وألُزِمَ النّاسُ بها، ولقد فعل في ذلك كل قبيح، ثمَّ لو قدَّرنا صحة خلافته، فقد بدت منه بواد كلها توجب فسخ العقد، من رَمْي المدينةِ، ورمي الكعبة بالمجانيق، وقتل الحسين وأهل بيته، وضربه على ثنيته بالقضيب، حمله الرأس على خشبة، وإنما يميل جاهل بالسيرة، عامي المذهب، يظن أنَّه يغيظ بذلك الرافضة، ونقل البرزنجي في "الإشاعة" (١)، والهيثمي في "الصواعق المحرقة"؛ أن الإمام أحمد - رضي الله عنه -، لمّا سأله ولده عبد الله عن لعن يزيد قال: كيف لا يُلعن مَن لعنه اللهُ في كتابه؟ فقال عبد الله قد قرأتُ في كتاب الله، فلم أجد فيه لعنَ يزيد، فقال الإمام إن الله يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [محمد: ٢٢ - ٢٣] الآية وأيّ فساد وقطيعة أشد مما فعلهُ يزيد. انتهى كلامهما.

قُلْتُ: والمحفوظ عن الإمام أحمد - رضي الله عنه - خلاف ما نقلا، ففي "الفروع" (٢) ما نصّه: ومن أصحابنا من أخرج الحجاج عن الإِسلام، فيتوجه عليه يزيد ونحوه، ثمَّ قال: ونص أحمد خِلاف ذلك وعليه الأصحاب ولا يجوز التخصيص باللعنة، خلافًا لأبي الحسين، وابن الجوزي وغيرهما، قال شيخ الإِسلام: ظاهر كلام الإمام أحمد الكراهة.

قُلْتُ: والمختارُ ما ذَهَبَ إليه ابن الجوزي، وأبو حسين القاضي،


(١) ص ٣٠.
(٢) ص ١٠/ ١٩٠.