للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ سار إليه مُصعب بن الزبير أمير البصرة لأخيه عبد الله بن الزبير، فحاصر المختار حتى قتله في شهر رمضان سنة سبع وستين، وانتظم أمر العراف كله لابن الزبير، فدام ذلك إلى سنة إحدى وسبعين فسار عبد الملك إلى مُصعب فقاتله حتى قتله في جمادى منها وملك العراق كلّه، ولم يبق مع ابن الزبير إلا الحجاز واليمن فقط، فجهز إليه الحجاج بن يوسف الثقفي الخبيث عدوّ الله، فحاصره في سنة اثنتين وسبعين إلى أن قتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وذلك في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكان مجموع مدة ابن الزبير - رضي الله عنه -، تسع سنين وشيء، ثمَّ اجتمع الناس على عبد الملك بن مروان، ثمَّ بعده على ابنه الوليد، ثمَّ ولي الأمر بعده أخوه سليمان، ثمَّ عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، ثمَّ يزيد بن عبد الملك، ثمَّ هشام بن عبد الملك، فكلهم أولاد عبد الملك إلا عمر - رضي الله عنه -، فإنَّه ابن أخيه، ثمَّ بعد هشام تولى ابن أخيه الوليد بن يزيد (١) الجبار العنيد، فقد ورد في مسند الإمام أحمد: ليكونن في هذه الأمة رجلٌ يقالُ له الوليد، لهو على هذه الأمّة أشد من فرعون لقومه (٢).

وقال ابن فضل الله في "المسالك": الوليدُ بن يزيد الجبار العنيد، فرعون ذلك العصر الذاهب، والدهر المملوء بالمعائب، يأتي يوم


(١) انظر "الإشاعة" (٣١).
(٢) المسند عن عمر (١/ ١٨) والبيهقيُّ في "الدلائل" (٦/ ٥٠٥) مرسلًا، والحاكم في "المستدرك" عن أبي هريرة (٤/ ٤٩٤) وأورده ابن حبَّان في المجروحين (١/ ١٢٥) وابن الجوزي في "الموضوعات" (٢/ ٤٦).