للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال نور الدين السيد علي السمهودي، في "تاريخ المدينة" (١): وقد ظهرتْ هذه النّارُ بالمدينة واشتهرتْ اشتهارًا بلغ التواتر، وتقدمها زلازلٌ مهولة، وأشفق أهلُ المدينة منها غاية الإشفاق، والتجئوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)، وكان ابتداء الزلزلة بالمدينة، مستهل جمادى الآخرة، آخر جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وستمائة أي: فيكون قبل قتل المستعصم (٣) وخراب بغداد بسنتين، قال لكنها كانت خفيفة واشتدت يومَ الثلاثاء وظهرت ظهورًا عظيما، ثمَّ إنه لما كانت ليلة الأربعاء ثالث الشهر أو رابعه، في الثلث الآخر منها حدثت زلزلة عظيمة، انزعجت القلوبُ لهيبتها، واستمرت بقية الليل إلى يوم الجمعة، ولها دَويٌّ أعظم من الرعد، فتموجت الأرض وتحركت الجدران، حتى وقع في يوم واحد دون ليله ثماني عشرة حركة فأسكنت ضحى يوم الجمعة.

ولما كان نصفُ النهار ظهرت تلك النار، فثار من محلّ ظهورها دخان متراكم غشي الأفق سواده فلما تراكمت الظلمات، وأقبل الليل سطع شعاع النار، وظهرت بقريظة بطرف الحرة، ترى تلك النار على هيئة البلد العظيم، عليها سور محيط على شراريفَ وأبراج، ومنابر


= والحاكم ٤/ ٤٩٠، وابن أبي شيبة ٧/ ٤٧١.
(١) هو كتاب "وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى".
(٢) الالتجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء به والسير على نهجه هو المشروع، أما إذا قُصِدَ الالتجاء إليه بدعائه فهذا لا يُشرع كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة.
(٣) في (أ) المعتصم وهذا خطأ والصواب (المستعصم) كما في (ط)، و (ب). وذلك أنَّ وفاة المعتصم كانت سنة ٢٢٧ هـ.