للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصر والغلبة أكثر من روايات الهزيمة، فتُقدم ولو جُمع فوجه الجمعُ أنَّه ينهزم في بعض الوقعات، ثمَّ تكون له الغلبة بعد ذلك.

قُلْتُ: وذُكر في التذكرة (١): أن المهدي يُبايَعُ مرتين، قال فإنَّه رُوي من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، أنَّه يخرج في آخر الزمان من المغرب الأقصى، يمشي النصر بين يديه أربعين ميلًا، راياته بيضٌ وصفرٌ، فيها رقوم، فيها اسم الله الأعظم مكتوب، فلا تهزم له راية، وقيام هذه الرايات، وانبعاثها من ساحل البحر بموضع يقال له ماسة (٢) من جبل المغرب، فيعْقد هذه الرَّايات مع قوم أخذ الله لهم ميثاق النصر والظفر، {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: ٢٢] الحديث بطوله.

قال العلامة في "البهجة" قال بعضهم: إنه يخرج من المغرب، وأنه من أجل ذلك سَمُّوا بَنو إدريس أنفسهم بالمهدية، طمعًا أن يكون منهم، انتهى.

ثمَّ ذكر في حديث ابن مسعود فيأتي الناس من كل جانب ومكان، فيبايعونه يومئذ بمكة، وهو بين الرُكن والمَقام، وهو كاره.

قال القرطبي (٣): وهذه المبايعة الثانية بعد البيعة الأولى، التي


(١) "التذكرة" ٧٠٢.
(٢) ماسة: رباط بالمغرب على نحر البحر. "معجم البلدان" ١/ ١٢٥ مادة (أدبى).
(٣) "التذكرة"، ص ١٠٢، قلتُ: يرحم الله القرطبي كان يجمع من الأخبار والآثار ما لا أصل له ويبني عليها أحداث وتصورات للملاحم والفتن ما لم يقل به أحد من أهل العلم.