فيدقه فتثور الروم إلى كاسر صليبهم، فيقتلونه، فيثُور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتلون عن آخرهم، فتقول الروم إلى ملكهم كفيناك حدّ العرب، وقتلنا أبطالها، فما تنتصر فيجمعون في مدة تسعة، مقدار حمل امرأة، فياتون تحت ثمانين غاية (أي راية)، وهي بالغين المعجمة، والياء التحتية ويروَى بالموحدة أي: تحت رماح كالغابة (١).
وفي لفظ: فيسيرون بثمانين بندا، والمعنى واحد: تحت كل غاية اثنا عشر ألفا فينزلون بالأعماق بالعين المهملة أو بدابق، بوزن طابع بكسر الباء وفتحها، هما موضعان قرب حلب وأنطاكية، فيخرُجُ إليهم جلب من المدينة، من أخيار أهل المدينة، يومئذٍ وهم الذين خرجوا مع المهدي، فإذا تصافوا قالت الروم: خَلُّوا بيننا، وبين الذين سُبُوا مِنَّا نُقَاتِلُهُم.
يروى سُبوا بضم السين بالبناء للمفعول، وفتحها على البناء للفاعل، والمعنى على الأوّل الذين سبيتموهم مِنّا، وخرجوا من ديننا، وصاروا يُقاتلوننا، وعلى الثاني: الذين سَبوا أولادنا ونسَاءنا، فيقول المسلمون: لا والله لا نُخلِّي بينكم وبين إخواننا، فينهزم من المسلمين ثلاث، لا يتوب الله عليهم أبدا، ويُقتَلُ ثلاث هم أفضل الشهداء عند الله، ويَفتح ثلاث لا يُفتنون أبدا، وفي رواية فيشترط المسلمون شُرطة الموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفئ هؤلاء وهؤلاء وكل غير غالب، ثمَّ يشترط المسلمون شرُطة، الشرطة:
(١) السنن الواردة في الفتن ٥/ ١٠٩٣، وروى بعض هذه الملحمة أبو داود (٤٢٨٢)، وابن ماجة (٤٠٨٩).