للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدخول في أمّة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، إكرامًا لهم.

قُلْتُ: وفي هذا نظر لا يخفى على ذي بصر، حيث أكرمهم الله بذلك، فلم لا يكرمهم بما هو أفضل من ذلك؟ وهو الاجتماع بسيدنا وسيد الكونين، محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليفوزوا بشرف الصُحبة، والدخول في الأمَّة ورؤية المصطفى التي لا يُعادلها في الدنيا شيء والجهادُ معه لكن لله حِكم أخر يدقُّ فهمها عن عباده، إلَّا من منحه اللهُ نورًا فانجاب به عن قلبه الرّان، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فإن كان الحديثُ ثابتًا فلا ريبَ أن في تأخيرهم لخروج المهدي حكمة يعجزُ فهم كثير من الخلق عن إدراكها، وقد يُقال يمكن أن تكون: أن في زمن المهدي الحاجةُ داعية لخروجهم أكثر من غير زمنه لخفة الدين حينئذ، فإنَّه يخرج في انمحاق الدين. قيل إنه لم يبقَ على وجه الأرض من المسلمين إلا ثلثمائة وثلاثة عشر رجلًا عدة أهل بدر كما ورد، وإن كان الحديث لم يثبتُ فلا حاجةَ إلى هذا كُلّه واللهُ سبحانه وتعالى أعلمُ بما هو كائن.

فائدة: وردَ أنَّ أوّل لواء يعقدهُ المهدي يَبْعثُ به إلى الترك، قال في "الإشاعة" (١): والظاهر أن هذه الفتوح تكون في مدة مهادنته الروم لأنَّ بعد اشتغاله بهم، لا يتفرغ لغيرهم أو أنَّه يَبعَثُ البعوث والسرايا، ونسبة دخول الآفاق إليه يكون مَجازًا، وهذا محاولة منه لتوجيه هذا الكلام، كما لا يخفى والله أعلم.


(١) "الإشاعة" ص ١٠٥.