للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقُلْتُ: ورد في بعض الأحاديث: "لا مهدِيَّ إلَّا عيسى ابن مريم" (١) وهو ضعيف. ولو ثَبتَ لوجَبَ حملُه على معنى لا ينافي وجود المهديّ؛ لأنَّ أحاديثه كثيرة جدًا، بل قد بلغت حدّ التواتر المعنوي، وتأويله أنَّه لا قول للمهدي إلا بمشورة عيسى، إن قلنا أنَّه وزيره، أو لا مهدي معصومًا مُطلقًا إلَّا عيسى، ولا اعتبار بمن اغترَّ بالرواية المارة؛ فإنّ ذلك سهو من المعتمد، ذلك وقصور عن معرفة الأحاديث صحيحها من سقيمها، وإلاّ فالإيمانُ بخروج المهدي واجبٌ كما هو مقرَّر عند أهل العلم، ومُدوَّنٌ في عقائد أهل السُنة والشيعة أيضًا، لكنهم زعموا أنَّه محمَّد ابن الحنفية، - رضي الله عنه -، أو أنَّه محمَّد العسكري، كما مرَّت الإشارة إلى ذلك، والله أعلم.

الثاني: صحَّ عن ابن سيرين (٢) أن المهدي خيرٌ من أبي بكر وعمر، قد كاد يفضل الأنبياء وصحّ: لا يفضُل عليه أبو بكر وعمر، وهو وإن كان أخف من الأوّل فليس على ظاهره؛ لأنَّ الأمَّة أجمعت على أنهما أفضل منه، بل ومن جميع الصحابة، خلافًا للرافضة خذلهم الله، بَلْ غيرهما من الصحابة أفضل من المهديّ على أنَّه من كلام ابن


(١) رواه ابن ماجه في "سننه" (٤٠٣٩)، وأبو نعيم في "الحلية" ٩/ ١٦١، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" ٢/ ٣٧٩ - ٣٨٠. وقال: قال النسائي: هذا حديث منكر، وقال البيهقي: تفرد بهذا الحديث محمَّد بن خالد الجندي. وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة": منكر.
(٢) انظر "عقد الدرر" (١٤٨)، "الفتن" لأبي نعيم (١٠٢٧) - (١٠٣٦)، "الفتن للداني" (٥٠٤). ما ذكره المؤلف في تفضيل أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - على المهدي هو ما عليه هذه الأمة.