للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءته من قِبَل المنونِ إشارةٌ ... فَهَوى صريعًا لليدين وللفمِ

ورمى بمحكم دِرعهِ وبرمحهِ ... وامتدَّ مُلقى [كالقتيل] الأعظمِ

لا يستجيبُ لصارخٍ إنْ يَدْعُهُ ... أبدًا ولا يُرجى لخطبٍ معظمِ

ذهبت بَسالتُه وَمَرَّ غرامُه ... لمَّا رأى خيل المنيَّةٍ ترتمي

يا ويَحُه مِنْ فارس ما بالُه ... ذهبَتْ مروءته ولم يتكلمِ

هذي يداهُ وهذه أعضَاؤه ... ما منه من عضوٍ غدا بمثلمِ

هيهاتَ ما خيلُ الردى محتاجةٌ ... للمشَرِفِّي ولا السنانُ اللهذمِ

هي وَيْحكُم أمرُ الإله وحُكمهُ ... واللهُ يقفيى بالقضاء المحكمِ

يا حسرةً لو كان يُقدَرُ قدرُها ... ومصيبة عظمت ولما يعظمِ

خبرٌ علمنا كلُّنا بمكانه ... وكأنّنا في حالنا لم نعلمِ (١)

قال في "العاقبة" (١): فكيف إذا أضاف الفكرة في الموت إلى الفكرة في مَا بعد الموت، وفي حال الموت وما له وما يُجازَى به من أقواله وأفعاله وفي أيّ متّجر فاته، وأيّ بضاعة فرّط فيها، وأيّ علق نفيس من العمر ضيّعه! هنالك تطيش العَقول، وتُخْرَسُ الألسُن، وتنبذ الدُنيا بالعراء وتطرحُ بجميع ما فيها بالوراء.

قال ابن السَّمَّاك (٢) رحمه الله: إن الموتى لم يبكوا من


(١) العاقبة (٤٥، ٤٦) "التذكرة" ص ١٧ وما بين القوسين في العاقبة (كالفنيق) ومعناه الجمل الضخم أو الغرارة. اهـ. من العاقبة.
(٢) محمد بن صبيح العجلي، أبو العباس الكوفي المعروف بابن السماك، الواعظ، قال ابن حبان في الثقات: مستقيم الحديث، وكان يعظ الناس في مجالسه.
وترجمة الخطيب في تاريخه ٥/ ٣٦٨ - ٣٧٣، وقال ابن نمير: ليس حديثه بشيء. =