للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجمَعَ بعضُهم (١) أنَّ سيدنا عيسى حين رُفع كان عمرُه ثلاثًا وثلاثين، وينزل سبعًا فهذه أربعون سنة. قُلْتُ: وليس هذا بشيء لما مرّ في حديث عائشة، عند الإمام أحمد وغيره، "فيقتل الدجالُ ثم يمكثُ عيسى في الأرضِ أربعينَ سنةٍ"، فدلّ الحديث دلالة ظاهرة أن الأربعين بعد قتله الدجال، فلا (بقي) (٢) لذلك الجمع وجه.

وقد ذكر العلاّمة في "بهجته" (٣) أن الحافظ السيوطي، قال: كُنتُ أفتيت بأن ابن مريم يمكث في الأرض بعد نزوله سبعَ سنين، واستمريت على ذلك مدة من الزمان، حتى رأيت البيهقي اعتمد أن مُكثه في الأرض أربعين سنة، مُعتمدًا ما أفاده الإمام أحمد في روايته، بلفظ "ثم يمكُثُ ابن مريم في الأرض بعد قتل الدجال" (٤)، وهذا هُو المرجح لأنّ زيادة الثقة يحتج بها، ولأنهم يأخذون برواية الأكثر، ويقدمونها على رواية الأقل، لما معه من زيادة العلم ولأنه مثبت، والمثبت مُقدَّم. انتهى.

وأخرج الإمام أحمد وابن جرير وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ينزلُ عيسى بنُ مريم فيقتلُ الخنزيرَ ويمحو الصليب، ويجمعُ الصلاة، ويُعطي المال حتى لا يقبل، ويضعُ الخراج، وينزل الروحاء فيحجُ منها أو يعتمر [أو


(١) ومنهم ابن كثير في التفسير ١/ ٥٨٣.
(٢) في (ب): (يبقي).
(٣) البهجة ص ٢٠٦، وفتوي السيوطي في الحاوي ٢/ ٣١٦.
(٤) "مسند أحمد" ٦/ ٥٧.