للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على سرير، قال: ما هذا؟ قالوا: ميت قال: وما ميت؟ قالوا: رجل مثلنا نزل به قضاءٌ إلهيُّ، وحادثٌ سماويّ، فأطفأ شرارته، وأخمد حرارته، وردّه حجرًا من الحجارة، وجمادًا من الجمادات، فقال عَلَيّ به حتى أراه، فجاؤا به فكشف له عنه، فقال: كلّموه. فقالوا: إنه لا يتكلم. وقال: أجلسوه، فقالوا له: لا يجلِس. فجعل ينظر إليه، ويتفكر فيه، ثم قال: وهذا وحده خُصّ بهذا الحادث، أو أنتم كلكم ينزل به هذا الحادث؟ قالوا: كُلّنا فيه سواءٌ وكلّنا ينزلُ بنا هذا الحادث. قال: وأنا؟ قالوا: وأنت. قال: ولا يَدفَعُ عني أبي؟ قالوا: لا يدفع عنك أبوَك، ولا يدفع عن نفسه؟

فقال: إنّ نعيما يصير آخره إلى هذا لجديرٌ أن يتكدّرَ وإن قلبا يخطر به ذكر هذا لحقيق أن يتفطَّر قال؟ وما تصنعون به؟ قالوا: نحفر له حفرة في الأرض نلقيه فيها، ونتركه هنالك، ونرد عليه التراب إلى يوم النشور والعَرض قال: وما يوم النشور والعرضْ؟ قالوا له: هو يوم تبعث فيه الأموات، وتظهر فيه المخبَّآت. قال: ويكون ولابد منه؟ قالوا: ولا بدّ منه. فقال: وهذه أشد.

فعمل الكلامُ في نفسه عملَه، وأخذ من قلبه مأخذه، فتغيّر وجهُه، وضعفَ جسمه، وشحب لونه، وأقصر عما كان فيه من تلك الراحات، وتلك البطالات.

فأخُبر أبوه بخبره، ووصف له، حديثه، فقال: أو قد فعلها؟ قالوا: نعم، فداواه أبوه بكل شيء، فلم ينفع في شيء، وهَوَّن عليه