للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي المرجاني في "أخبار المدينة" (١) عن جابر مرفوعًا "ليعودن هذا الأمر إلى المدينة كما بدأ منها حتى لا يكونَ إيمان إلا بها".

وأخرج النسائي عن أبي هريرة "آخر قرية من قري الإسلام خَرابًا المدينة" ورواه الترمذي (٢) بنحوه وقال: حسن غريب.

ورواه ابن حبان (٣) بلفظ "آخر قرية في الإسلام خرابًا المدينة".

وصح: "إن الدين ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جُحرها" (٤).

فهذه الأخبار بظاهرها، تعارض الروايات والأخبار السابقة ووجه الجمع بينهما: أن الفتن تعم الدنيا كُلّها كما مر في خروج المهدي، ويبقي أهل المدينة مع المهدي فيأرز الدين أي ينحشر ويدخل المدينة حينئذ؛ لأنهم المؤمنون الكاملون، التابعون للخليفة الحق، ثم إنها تنفي خَبثها زمنَ الدجّال، ويبقي فيها الإيمان الخالص بخلاف بيت المقدس، وغيرها من البلدان فإنه يبقي فيهم أهل ذمة، ومنافقون لأنهم إنما يؤمنون بعد نزول عيسى.

قُلْتُ: مرَّ أنّ مكة تقذفُ منافقيها إلى الدجال فالظاهر أنها كالمدينة والله أعلم. وحديثُ جابر حتى لا يكون إيمان إلا بها أي إيمانٌ خالصٌ غير مشوبٍ بنفاق، ثم إنه تجيء الريحُ الباردة فتقبضُ كل روح مؤمن ومؤمنة.


(١) هو كتاب "بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة المختار" لم يطبع بعد.
(٢) الترمذي (٣٩١٩).
(٣) ابن حبان ١٥/ ١٧٩ (٦٧٧٦).
(٤) رواه البخاري (١٨٧٦) ومسلم (١٤٧).