للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غفلاتهم إذ نادي منادٍ: ألا إن باب التوبة قد أغلق، والشمسُ والقمرُ طلعا من مغاربهما، فنظر الناسُ فإذ بهما أسودان كالعكمين لا ضوءَ لهما، ولا نورَ فذلك قوله تعالى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)} [القيامة: ٩] (١).

قوله: (كالعكمين) تثنية عكم، وهو الغرارة: أي: كالغرارتين العظيمتين، ومنهُ يُقالُ لمن شَدَّ الغرائر على"الجمل العكام، وفي حديث أم زرع: عكومها رداح (٢)، والله أعلم.

فيرتفعان أي: الشمسُ والقمرُ مثلُ البعيرين المقرونين [المعقورين] (٣) يُنارعُ كُلٌ منهما صاحبه استباقًا، ويتصايح أهلُ الدُنيا، وتذهلُ الأمهاتُ عن أولادها، وتضعُ كُلُّ ذاتِ حمْلٍ حَمْلَها، فأمّا الصالحون والأبرار، فإنَّهم ينفعُهُم بكاؤهم يَومئذ، ويُكتَبُ لهم عبادة.

وأما الفاسقون والفجار، فَلَا ينفَعُهُم بكاؤهُمْ يومَئذ ويُكْتَبُ عليهم حسرة، فإذا بلغتِ الشمس والقمر سُرة السماء، وهي منتصفها جاءهما جبريل، فأخذ بقرونهما فردّهما إلى المغرب، فلَا يُغرِبْهُما في مَغَاربهما: أي مَغارب طلوعهما ذلك اليوم، وهي: أي المَطالع جهة المشرق،


(١) قال ابن كثير ٢/ ١٩٦ بعد أن عزاه لابن مردويه: هو حديث غريب جدًا، بل منكر بل موضوع إن ادعي أنه مرفوع، فأما وقفه على ابن عباس أو وهب بن منبه وهو الأشبه فغير مدفوع. وقال السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ١١٤: أخرجه ابن مردويه بسند واهٍ عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فذكره.
(٢) رواه البخاري برقم (٥١٨٩) كتاب النكاح، باب: حسن المعاشرة مع الأهل. ومسلم برقم (٢٤٤٨) كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر حديث أم زرع انظر "اللسان" (ع ك م).
(٣) زيادة من "الدر المنثور".