للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغلق بطلوع الشمس من مَغْربها، وهي (١) غيرُ الغلق بالغرغرة، فمَنْ كان على شيء بعده استمر لهُ ذلك فلا يَتَغيَّرُ حالُه كافرًا كان أو عاصيًا فلا يُقبلُ إسلامُ الكافر ولا توبة العاصي، ولا يكتب عملٌ بعد ذلك، لارتفاع الصحف وجفاف الأقلام، ولا (٢) يُفتح -يعني باب التوبة- بعد ذلك، وإن ذلك لا يختص بيوم الطلوع، بل يمتدُ إلى يوم القيامة.

قالَ بَعضُهم: والحكمة في طَلوع الشمس من مغربها: أن إبراهيمَ عليه السلام قال للنمرود إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأْتِ بها من المغرب، فبُهتَ الذي كفر، وأنَّ السحرة والمنجمة عن آخرهم ينكرون ذلك، ويقولون هو غير كائن، فيطلعها الله يومًا من المغرب ليَري المنكرين قدرته، وأن الشمس في ملكه إنْ شاء أطلعها من المشرق أو المغرب أو لا.

الثاني: قد مرّ في حديث أنس (٣) عند ابن مردويه وغيره أن الدواوينَ تُطوي، والأقلام تجف، ولا يزاد في حسنة، ولا يُنقصُ من سيّئة وفي كلام العلامة ولا يكتب عمل بعد ذلك. وفي هذا عندي نظر لاحتمال أن يَحدُثَ على أحد المؤمنين تغير حالٍ من اقتراف ذنب، أو ارتداد ونحوهما.

والجوابُ عن ذلك: أن كلا من أهل الإيمان والمعاصي لا يتغيرُ حاله، إذ ذاك أو إذا عملوا عَمَلًا فأجسامُهم تشهدُ عليهم، كما رأيتهُ مأثورًا عن عائشة رضي الله عنها، ويأتي قريبًا (٤) وفيه: "وخلصَت


(١) في (ب): (وهو).
(٢) في (ب): (ولم).
(٣) ص ٦٥٤ ت (١).
(٤) ص ٦٦٣ ت (٥).