في غرور بعبادتِكم مَنْ لا يدفع عن نفسِه، ولا قدرة له على النطق ليخبركم عَمّن فعلَ به ما فعل، ويا سبحانَ اللهِ إذا كانَ لا يدفع البأسَ عن نفسِه فكيف يدفعه عن غيره؟! على أنّ الكسائي قرأ {بَلْ فَعَلَهُ}، ووقف على {فَعَلَهُ}، ثم قال:{كَبِيرُهُمْ هَذَا} أي: فعله من فعله، وأنت خبير أن الوجه في القراءةِ الأولى والله أعلم.
وقوله:{إِنِّي سَقِيمٌ} إنما أرادَ الفرارَ من حضورِ عيدهم، ومناكرهم، وعكوفهم على الأصنام، ولو قيل: إن سيدَنا الخليل لمَّا نظر نظرةً في النّجوم فقال: أيُّها الملكُ الكريمُ أنت بحالي عليم، فهؤلاء عبادك ضلُّوا، وأضلُّوا، وعكفوا على أصنامهم، وولوا وما منهم ذو فطنةٍ ولب سليم، وأنا لا أقدرُ على منعهم من عبادةِ الأصنام فإنيِّ سقيم لكان له وجهٌ والله الموفق.
وقوله عليه السلام: لمّا أتاه أعوان ذلك الملك، وكان عادته إذا أعجبته امرأة إنْ كانتْ ذات بعلٍ قتلهُ وأخذها، وإنْ لم تكن ذات بعل أخذها فقالوا: لإبراهيم: ما تكون هذه لك؟ فقال:"هي أختي" وقد صَدَقَ فإنَّها أختُه في الإسلام.
وقال البغوي: هذه تأويلاتٌ لا حاجة إليها إذ يجوز أن يكونَ اللهُ أذنَ لهُ في ذلك لقصدِ الصَّلاح، وتوبيخهم، والاحتجاج عليهم كما أذن ليوسفَ عليه السلام في قصةِ الصواع ولسنا بصدد تحرير هذا المقام وفي هذه الإشارة ما يفصح عن المرادِ والله أعلم (١).