للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّحمة فيقولُ: "يا ربِّ أمَّتي أُمَّتي" - صلى الله عليه وسلم - (١). ثم إنّ الناسَ يعرضون على ربِّهم كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)} [الحاقة: ١٨] وقال: {أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} [هود: ١٨]، وقال: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: ٤٨].

قال الفخر في تفسيرِ الصّف وجوه أحدها: أنْ تعرض الخلق على اللهِ تعالى صفًّا واحدًا ظاهرين بحيث لا يحجب بعضُهم بعضا.

ثانيها: لا يبعد أنْ يكونوا صفوفًا يقف بعضُهم وراء بعضٍ كالصفوف المحيطة بالكعبة التي يكون بعضها خلف، وعلى هذا التقديرِ فالمراد من قوله:

{صَفًّا} كقوله: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} (٢) [غافر: ٦٧] قلت: ويدل لهذا أي: كونهم صفوفًا ما مرّ في الحديث السابق: "اخرُج يا عبدي إلى هذه الصفوت فمن أطعمك، أو كساك" الحديث، وبما يأتي "أقيموا عبادي صفوفا".

ثالثها: أن يكونوا قياما كقولهِ تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] أي: قائمة. انتهى.

وأخْرجَ ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري رَضي اللهُ عَنْهُ مرفوعًا: "يعرض النَّاس يوم القيامةِ ثلاث عرضات فأمَّا عرضتان: (فجدال) (٣) ومعاذير، وأمَّا العرضة الثالثة: فتطير الصحف في الأيدي


(١) التخويف من النار ص ١٦٥.
(٢) "التفسير الكبير" ٢١/ ١٣٣.
(٣) في (أ): (فجدل).