للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الآخر (١):

الموت في كل حين يَنشُرُ الكفنا ... ونحن في غفلة عما يُراد بنا

لا تطمئن إلى الدنيا وبهجتها ... وإن توشَّحَتَ من أثوابها الحسَنا

أين الأحبّةُ والجيران ما فَعلوا ... أين الذين همُ كانوا لنا سكنا

سقاهُم الموتُ كأسا غيرَ صافية ... فصيرتهم لأطباق الثرى رَهنا

وذكر القُرطبي: أنَّه روى أنَّ مَلك الموت دخل على داودَ عليه السلام فقال: مَن أنت؟ قال: مَن لا يهاب الملوك، ولا يمتنع من القصور، ولا يقبل الرّشا. قال: فإذًا أنت ملك الموت، ولم أستعد بعد قال: يا داود أين فلانُ جارُك؟ أين فلان قريبك؟ قال: ماتا قال: أمَا كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد (٢).

وقيل: النذير: العقل؛ لأنه يميّز بين الحسنات والسّيّئات، والقبيح والحسن.

وذكر القرطبي حكاياتٍ في الشيب منها عن بعض المترفين: أنه رفض ما كان يفتنه فسُئل عن السبب فقال: كانت لي أمة، لا يزيدُني طول الاستمتاع منها إلَّا غرامًا بها، فقلَّبْتُ شَعْرَها يَومًا،


(١) الأبيات في "نفح الطيب" ونسبها لابن أبي زمنين الأندلسي (ت ٣٩٩ هـ) وهو مترجم في "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ١٨٨.
(٢) هذا خبر موضوع بهذا السياق بلا ريب، فإنَّ الأنبياء صلوات الله عليهم هم أكثر الناس استعدادًا للموت، والمروي في "مسند أحمد" ٢/ ٤١٩ من حديث أبي هريرة مرفوعًا أن داود عليه السلام قال لملك الموت: مرحبًا بأمر الله. . الحديث. وسيورده المصنف على الصواب.